الصفحة الرئيسية
من أنا
مقالات أخرى
منظومة فساد .. ولكن من يجرؤ على الكلام؟
أكتب هنا اليوم بالأصالة عن نفسي أولا ، ثم عن مجموعة كبيرة من الناس تم إستغفالها واللعب بمدخراتها وأصولها النقدية ، أكتب عن مجموعة من البشر إستحلّت أن تكون فوق أي قانون ، فهي تعيش بلا قانون ، إلا قانون الطمع والقسمة بين الوحوش الضارية ، مجموعة تظن أنها بشرية ، ولكن البشر لم يخلقوا ليأكلوا بعضهم كما تأكل الضباع صغار غيرها لتحكم سيطرتها

قليل أن توصف هذه المجموعة بساكني الغاب ، فالغابة لها قانون ، إنما هؤلاء تجاوزوا حتى قانون الغاب ، فتلذذوا بطعم الفرائس ولحومها ، وسعدوا بذكائهم الخارق في أن يزيدوا من محنة الضعفاء بأن يزيدوهم ضعفا ، الضباع تعلم أن غذاءها في لحوم الفرائس ، ولكنها لا تسرف في الأكل ، لأنها تعلم إنها إن أسرفت فلن تستطيع الصيد ولن تكون بقدرة فرائسها في الجري ، إنما هؤلاء إستمرأوا الصيد وهم جلوس في أماكنهم ، فلهم قلة يدوروا حولهم يصيدون لهم ويطعمونهم ، ويأخذون نصيبهم من الفرائس ، والفرائس في غابة هؤلاء لا تنتهي ، فهم على إستعداد أن يأكلوا كل شيء حتى إذا أضطروا للتحول نباتيين

تجتمع الضباع لإنشاء شركة ، تجمع فيها أموال الشعب في إكتتاب عام ، وتعد المستثمرين من أبناء الشعب بالمستقبل الحالم ، والمدينة المثالية ، وتضع الدعايات والإعلانات في كل مكان لصور أشبه بمدينة يوتوبيا ، ثم تعود للشعب فتجمع منهم أموالهم في بيع وحدات سكنية لم يبن منها إلا صور على ورق ، وتعدهم ببناء أفضل المدارس وأجمل الحدائق وأكبر الموانىء ، وتنتشر الشائعات بأن المدينة ستكون جنة المستثمرين ، وحلم المساكين

وتمرر العقود بعد العقود للشركات الإنشائية ، يأتي الكبير فيأخذ الحصة العظيمة ، كما تأتي الأسود أولا على الفريسة ، فتأكل منها حتى إذا شبعت أدارت ظهرها ، فتأتي اللبوات مع أشبالها تغذيهم ، حتى إذا شبعت أدارت ظهورها لتأتي الضباع فتستأثر بما تبقى من اللحم في الجيفة ، ثم تأتي الغربان فتنظف الجيفة من كل شيء إلا العظام ، تبقى شاهدا على الجريمة ، وعبرة للفرائس الأخرى ، وليت تلك الفرائس تعلمت من سابقاتها ، وكذا ما بقي إلا فتات وعظام أطلقوا عليه مدينة ، وجعلوا على بابها حرس وترس ، لتبقى الفرائس تظن أن جنتها بالداخل ، وماتدري أن الداخل مفقود والخارج مولود.

ذلك قانون الغاب ، أما في مدينتنا وقانونا ، فالكبير يأكل ويمضغ الطعام ليأتي من يقتسم الحصة معه ، فهناك من هو أكبر منه ، ومن له حصة في صيد الفريسة ، ومن سهل لها الوقوع في مخالب الأسد ، وهذا له حصة من الأسد ومن اللبوات ومن الأشبال ومن الضباع والغربان وحتى الدود! الجميع يأتي صاغرا ليقدم عمولة السيد الكبير ، قائد الفرائس إلى التهلكة

أين المدينة؟ وأين المدارس؟ وأين الميناء؟ وأين المباني الشاهقة؟ وأين المستثمرون؟ وأين أحلام الضعاف؟ أين الأسود؟ وأين الضباع؟ الجميع أختفى ، وبقيت عقود تقول للمغفلين: ألا يكفيكم الحلم؟ لولانا لما عشتم هذه الأحلام الجميلة

يقولون لقد أخطأنا ثم تداركنا أخطاءنا ونحن في مرحلة التصحيح ، إن الله غفور عن عباده فأغفروا لنا ، ولكن ما ذنبنا لنتحمل الإثم فيما إقترفت أيديهم؟ وما ذنبنا في الثروات التي بنيت وسرقت من تعب الفقراء الذين إزدادوا فقرا؟ لهم الدنيا ، ولنا رب كبير نقول له أنت حسبنا ونعم الوكيل

إنا لله وإنا إليه راجعون



كتبه العبد الفقير لله / حسام عابد أندجاني

في 10 أبريل 2011م
في 6 جمادى الأولى 1432هـ